ازدحام في سوق الخضر
إنــّه اليوم الأوّل من شهر رمضان المُبارك، شهر الرّحمة و البركة و التّسامح ، رافقتُ أبي إلى الســّوق لشراء ما يلزم لإعداد وجبة الإفطار فاعترضتنا رائحة الخبز الشّهية و رافقنا منظر الســّلع المعروضة بإتقان يُغري بالشّراء رغم ارتفاع الأسعار.
توغــّلنا بين أروقة السّوق نتأمــّل البضائع و نختار أجودها لكن حدث ما عــكــّر صفونا فقد استرعى انتباهنا ثلــّة من النـــّاس في حلقة يتدافعون تدافعا غير مبرّر. كانت المناكب و الأيدي ترتفع و الأعناق تشرئبّ و الأصوات تتعالى.
فدفعني فضولي لاستطلاع الأمر . تقدّمتُ نحوهم بحذر شديد خشية أن يصيبني أحدهم بمكروه ثم يتعلّل بأنّه لم يكن يقصد إيذائي. نظرتُ فإذا بهم يتهافتون على شراء التّمر ويزداد هرجهم كلــّما نقصت الكمــيّة المعروضة. استهجنتُ هذا التصرّف وقلتُ لأبي مُستنكرا:
- ما هذا التصرّف الفوضويّ؟ إنّه لا يليق بمجتمعنا المسلم.
- هذه طبيعة البشر يا بنيّ فهناك بعض النــّاس لا يتقيّدون بقانون الجماعة والبعض الآخر رغم تحضّرهم فهم يستجيبون إلى حركات الصّنف الأوّل دون وعي منهم.
- ألا يوجد حلّ لتهذيب هذا السـّلوك والحدّ من الفوضى في الأماكن العموميّة.
- إنّ النــّاس يزعمون أنــّهم أفضل من عمــّر الكون و لكن في بعض الأحيان يقودهم الجشع فيجعلهم يتصرّفون تصرّفا حيوانيــّا من أجل حفنة من المال.
واصلنا تجوالنا واقتنينا حاجتنا ثمّ عدنا إلى المنزل مستنكرين ممــّا رأينا و كنت أردّد في سرّي " لا يغيّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم " ...