U3F1ZWV6ZTUwNzQ0NTc3NTkxX0FjdGl2YXRpb241NzQ4NjYwNTAzNTE=
مؤازرة يتيم
ذات يوم شديد الحر، هواءه خانق و شمسه حارقة، كنت عائدة من المدرسة مع جمع من أصحابي نحثّ الخطى و نـُـــلهي أنفسنا بتجاذب أطراف الحديث و تبادل المُلح و النوادر... إذ بنا أمام متسوّلة صغيرة حافية القدمين ترتدي أشلاء بالية و تُسدل وشاحا ممزّقا مهترئا بفعل الشمس و المطر.
تسمّرتُ في مكاني أنظرُ إلى الفتاة وقلبي يتقطع على حالها ألما وإشفاقا. ومن الوهلة الأولى عرفتُ أنّها يتيمة، نعم أكّدتْ لي هذه الحقيقة عندما سألتها عن والديها، فقد مات أبوها و لم يترك لها إلاّ دموع الأسى و ماتت أمّها و لم تترك لها سوى ذلّ اليتم و حسرة الحاجة.
رقّ قلبي لها وكادت دموعي تغلبني فتفضح مشاعر الرأفة التي تملكتني. فاقترحت على أصدقائي قائلة:
- " ما رأيكم بمساعدة هذه اليتيمة؟ "
لم أكد أنهي قولي حتّى فرّ الجميع من أمامي كفرار العصفور من الصياد. ولكني لم أعرهم اهتماما واقتربتُ من الفتاة المسكينة رويدا رويدا وهي تلتصق بالجدار كلــّما اقتربتُ منها. فبادرتها بصوت خافت محاولة أن أطمأنها:
- لا تخافي مني يا صديقتي.
- كلّ النّاس يقسون عليّ ويرمقونني بنظرات نارية ملأها الاشمئزاز والقسوة. لقد أصبحت أخاف من الجميع وأهرب خشية أذاهم.
أمسكت بيدها برفق ومشينا صحبة بعضنا إلى أن وصلنا إلى باب منزلنا.
لكن عاد اليها خوفها فابتعدتْ عن الباب هاربة، لم أسألها أيّ سؤال لأنّني عرفتُ ما يجول ببالها فطمأنتها وضغطتُ على يدها قليلا فارتاح قلبها لي ثم أدخلتها إلى قاعة الجلوس وقدّمتُ لها طعاما لذيذا، ثمّ دخلتُ إلى غرفتي صحبة أمّي للبحث عن ثياب نكسو بها جسمها العاري وقدّمتها لها في شكل هديّة بعد أن أكملتْ طعامها.
قالت لي البنيّة:
- " شكرا جزيلا، أنت حقّا صديقة لطيفة، وهذا عنوان المطعم الذي أقيم فيه".
وعدتها بالمساعدة كلما استطعت إلى ذلك سبيلا واقترحت عليها العودة الى مقاعد الدراسة حتى تحصّل نصيبا من العلم فوعدتني بأن تحاول ذلك ثمّ خرجت من المنزل مسرعة ...